الأربعاء، 16 فبراير 2011

دور المرأة فى تنمية المجتمع

التعريف بدور المرأة
سطّرت المرأة في العصور القديمة والحديثة وخاصة  في المجتمعات الإسلامية أسطراً من نور في جميع المجالات، حيث كانت ملكة وقاضية وشاعرة وفنانة وأديبة وفقيهة ومحاربة وراوية للأحاديث النبوية الشريفة.
وإلى الآن ما زالت المرأة في المجتمعات الإسلامية تكد وتكدح وتساهم بكل طاقاتها في رعاية بيتها وأفراد أسرتها، فهي الأم التي تقع على عاتقها مسؤولية تربية الأجيال القادمة، وهي الزوجة التي تدير البيت وتوجه اقتصادياته، وهي بنت أو أخت أو زوجة، وهذا يجعل الدور الذي تقوم به المرأة في بناء المجتمع دوراً لا يمكن إغفاله أو التقليل من خطورته.
ولكن قدرة المرأة على القيام بهذا الدور تتوقف على نوعية نظرة المجتمع إليها والاعتراف بقيمتها ودورها في المجتمع، وتمتعها بحقوقها وخاصة ما نالته من تثقيف وتأهيل وعلم ومعرفة لتنمية شخصيتها وتوسيع مداركها.
مفهوم الدور الثقافي :
هو قدرة المرأة على تقييم ما تتلقاه من معارف ومعلومات من وسائل الإعلام المختلفة بما يدعم دورها في معايشة قضايا العصر والانفتاح على العالم الخارجي. ويلعب التعليم دوراً هاماً في هذا المجال حيث أنه كلما نالت المرأة قسطاً أكبر من التعليم كلما كانت أكثر فهماً وإدراكاً ومقاومة للإيحاءات والتأثيرات السلبية التي قد ينقلها الاتصال بالعالم الخارجي
واقع دور المرأة في تنمية المجتمع
على الرغم من وجود تباين في البنى الأساسية الاقتصادية والثقافية والسياسية لبلدان العالم الإسلامي، إلا أن الدين الإسلامي هو دين الغالبية العظمى لسكان هذه البلدان.
ولما كان الدين الإسلامى أكثر تقدماً من أي دين آخر بالنسبة لمشاركة المرأة في المجتمع، لأنه أعطى صورة متكاملة عن دور المرأة ومكانتها في المجتمع، فالقرآن والحديث والتفسير والاجتهادات المختلفة تعطي المرأة مكانة خاصة تُترجم عملياً إلى أعراف تشريعية تملي عليها حقوقها وواجباتها سواء كانت ابنة أم زوجة أم أماً، فإننا نفترض وجود تطابق إلى حد ما في الأوضاع في هذه البلدان، ولذلك تم اختيار بعض دول العالم الإسلامي كعينة مختارة ممثلة لباقي الدول لنتعرف على أدوار المرأة في تنمية هذه المجتمعات.
وحين ننظر إلى الدور الذي تقوم به المرأة في التنمية، لا بد أن ننظر إليه في إطار التنمية الشاملة بكل أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، وفي إطار التنمية المستهدفة القائمة على الأصالة والتجديد الحضاري. و تجزئة الدور في هذا الفصل إلى عدة أدوار هو بغرض التوضيح، وتفسير إلى أي مدى تستطيع المرأة أن تشارك وتساهم بفعالية في التنمية، وما العوامل التي تؤثر في معدلات إسهام المرأة في التنمية في ظل المتغيرات والتطورات التي طرأت على هذه المجتمعات ؟ وما العوامل التي تواجه المرأة للقيام بهذه الأدوار وتعوق اندماجها والتزامها بالمشاركة الحضارية الكاملة في صناعة الحياة بكل أبعادها بدءاً من حقها الطبيعى في حرية الحركة والانتقال، إلى ذروة التأثير في صنع القرار والإسهام في تحديد المسار.
أولاً : الدور الاقتصادى
تتمتع المرأة في الإسلام منذ أربعة عشر قرناً بشخصيتها الاقتصادية المستقلة وحريتها الكاملة في التصرف بأموالها دون إذن زوجها، لأنها في هذا كالرجل سواء بسواء، وكذلك لها أن تبيع وتُتاجر وتعقد الصفقات وتؤجر البيوت وترهنها، ولها الحق في أن تمتهن أي مهنة تحبها وتختارها، ولها أن تنتخب وتُنتخب في أي مجلس تشريعي أو سياسي أو اقتصادي، ولها أن تتولى القضاء بل لها أن تفتي في الناس بأحكام الشريعة إذا كانت عليمة بها، مثلما كانت السيدة عائشة أم المؤمنين تفتي الصحابة في المسائل التي عرفتها وغابت عنهم، أي أن الدين الإسلامي أجاز عمل المرأة في كافة المهن بما يصون كرامتها ولا يسيئ إلى أنوثتها، وأن الله يثني على من يتلقى أجراً نظير عمل، فالعاملون والعاملات لهم عند ربهم أجر عظيم، وفضلاً عن ذلك فإن الله يساوي بين الجنسين إذ يقول : { من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه  حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون } (سورة النحل، الآية 97)، والحديث الشريف يقول : >إنما النساء شقائق الرجال<، فالمرأة في الشريعة شقيقة الرجل، لها مثل حقوقه داخل الأسرة وخارجها، ولها مثل الذي عليها بالمعروف، تلك هي بعض المعالم الرئيسة في نظرة الإسلام إلى المرأة، وهي نظرة بعيدة تماماً عن النظرة المتدنية إلى المرأة التي أفرزتها أوضاع
ثانياً : الدور الاجتماعي والثقافي :
نظرة الإسلام لمكانة المرأة الاجتماعية

لما كان الإسلام هو دين الغالبية العظمى من سكان دول العالم الإسلامي، وأحد العوامل الكبرى في حركة الحضارة العربية الإسلامية ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، فإن الأمر يقتضي أن نركز على مكانة المرأة الاجتماعية في الإسلام، وفي هذا الصدد، فإن الإسلام قد ساوى بين الرجل والمرأة في الكرامة الإنسانية واستخلفهما معاً لعمران الكون، كما نهى القرآن عن كراهية البنت، وحرم وأدها، كما كان متبعاً في الجاهلية.
إن القرآن الكريم قد ساوى بين الرجال والنساء في الواجبات الدينية وفي المسؤولية وفي الثواب والعقاب، حيث ذكر في محكم آياته : { وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى } (سورة النجم، الآيات 41-39).. والإنسان هنا يشمل كلاّ من الذكور والإناث بطبيعة الحال.
كما أكدت السنة النبوية على المساواة في معاملة الذكور، فالحديث الشريف يقرر >ساووا بين أولادكم فى العطية فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء<. والمساواة في العطاء تمتد من تربية الأطفال ورعايتهم إلى إتاحة الفرص المتكافئة لهم نمواً وعملاً ومشاركة من خلال ما يتمتعون به من حقوق وما يتحملونه من مسؤوليات، ويقرر الرسول# هذه المساواة بين الذكر والأنثى بنصيحته للنساء اللائي جئن لمبايعته يوم فتح مكة : >من كانت له أنثى فلم يئدها ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها أدخله الله الجنة<.
أعطت الشريعة الإسلامية المرأة حرية الاختيار والقرار وحق التعرف على من يريد أن يتزوجها، ومع أن الإسلام قد استهجن الطلاق وجعله أبغض الحلال، إلا أنه لم يقصر الحق فيه على الرجل، كما يجري الفهم القائم على تقاليد وأعراف اجتماعية، وهكذا فإن المساواة كاملة في انعقاد الزواج وفي تفريقه بين المرأة والرجل.
والخلاصة أن الإسلام يرسي قاعدة مكينة لمكانة المرأة بالنسبة لكرامتها ولمساواتها بالرجل ولحقها في المشاركة الفعلية العريضة في شؤون الحياة، كما فعلت كثير من فضليات النساء في كثير من حقب التاريخ.
مساهمة المرأة في التنمية الاجتماعية والثقافية :
يرجع اهتمامنا بالدور الاجتماعي والثقافي للمرأة إلى إيماننا بالبيئة التي يعيش فيها الطفل في السنوات الأولى من عمره، وعلى نموه مستقبلاً، فالمرأة تلعب دوراً رئيساً في تنمية الموارد البشرية الصغيرة، فالأسرة هي المؤسسة التربوية الأولى لتربية الطفل وتنشئته، فيها يوضع حجر الأساس التربوي حيث يكون الطفل عجينة طيعة يتقبل التوجيه ويتعوده ويلتقط ما يدور حوله من صور وعادات وتقاليد وثقافة البيئة التي يعيش فيها، وفيها أيضاً يتعلم مبادئ الحياة الاجتماعية والمعارف والعادات الصحية السليمة.
ورعاية المرأة  لأبنائها تبدأ قبل ميلادهم، وذلك من خلال اختيارها التغذية السليمة المتكاملة التي تفيد صحتها أثناء الحمل والرضاعة، وذلك وقاية وحماية للأطفال، حتى لا يتعرضون في هذه المرحلة إلى تأخر النمو أو قلة الحيوية ونقص المناعة، وزيادة القابلية للأمراض المعدية، ليعيشوا رجالاً أصحاء أقوياء.
وتنمي المرأة طاقات أبنائها عن طريق إشراكهم في ممارسة الرياضة، وكذلك تنمية الوعي الفكري والثقافي لديهم، وتوعيتهم دينياً وسياسياً حتى لا يقعوا فريسة لموجات التطرف، وترسخ فيهم القيم والسلوك والعادات الإسلامية المطلوبة، وهذه التنمية والتربية تقوم على أساس المساواة بين الذكور والإناث، فكل ما يتلقاه الطفل من عناية ورعاية وتنمية في السنوات الأولى من عمره يشكل أقصى حد ما سيكون عليه عند بلوغه. ودور المرأة لا ينحصر في ذلك فقط بل يتعداه إلى ما تقوم به من أعمال الاقتصاد المنزلي الخاصة بترتيب المنزل وتنظيفه، وتصنيع الغذاء، وتوزيع دخل الأسرة على بنود الإنفاق المنزلي، كما أنها في بعض الأحيان تتحمل المسؤولية كاملة في حالة غياب الزوج أو وفاته، هذا بالإضافة إلى عملها خارج المنزل.
وتعتمد درجة إسهامات المرأة الاجتماعية والثقافية على مدى الخدمات المقدمة من المجتمع التي تساعدها على القيام بهذه الأدوار، وتتمثل في منشآت للخدمات الاجتماعية كالوحدات الاجتماعية، ودور الحضانة، ومراكز التدريب والتكوين المهني، ومكاتب التوجيه والاستشارات الأسرية، ومراكز الخدمات الصحية المتمثلة في المستشفيات العامة ومستشفيات الولادة، ومراكز رعاية الطفولة والأمومة، والمستوصفات، ومراكز تنظيم الأسرة، ومنشآت الخدمات الثقافية التي تمثلت في وسائل الإعلام، والمكتبات، والأندية الرياضية والاجتماعية.
وليست المرأة في حاجة إلى الخدمات فقط، ولكنها في حاجة أيضاً إلى إعدادها الإعداد الجيد وتمكينها من القيام بكل هذه الإسهامات، فإذا كان المجتمع يريد الاستفادة من مساهمة النساء كاملة في التنمية، فعليه أن يساعدهن على أداء دورهن بالإعداد والإجراءات التي تساعدهن على تحمل مسؤوليتهن، ويتضمن هذا الإعداد إلمامهن بالمعلومات الكافية في النواحي الصحية والثقافية والبيئية، كما يتضمن هذا الإعداد تنمية مهاراتهن على استخدام هذه المعلومات في كل نواحي الحياة، وتدعيم اتجاهاتهن، وإيمانهن بأهمية دورهن في تنمية مجتمعهن وتنمية الوعي الثقافي لديهن لتتعرفن على ما يدور حولهن في العالم المحلي والخارجي، ولتعرفن حقوقهن وواجباتهن، وهذا لا يتأتى إلا عن طريق المزيد من الخدمات التعليمية والبرامج الثقافية المقدمة للمرأة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق